الطاحس وبس إدارة المنتدى
عدد الرسائل : 343 العمر : 44 الموقع : السعودية العمل/الترفيه : طالب تاريخ التسجيل : 02/11/2007
| موضوع: مَنْ خرَّبَ العالَم ؟! الثلاثاء مايو 13, 2008 6:02 am | |
| حروبٌ ... وجوع ٌ...وأمراضٌ ... ومصائبُ من كل نوع : مَنْ خرَّبَ العالَم ؟! لا يأتي يوم ٌ جديد ٌ في حياتنا الراهنة إلا ونشهد فيه فجائع جديدة ً وكوارث تفتح أفواهها لابتلاع الأبرياء , وقض مضاجع الآمنين في بيوتهم أو نائمين على أسرّتهم , ولا تنطلق نشرة أخبار إلا وفيها من الموت والآفات ما يقلق ويخيف , و لا نرى من مشاهد الأنباء إلا العنف , وصور الدمار والحزن والانتهاك الإنساني الصارخ لكل شيء ! .
ترى ماذا حلّ بالعالم ؟
ما هذا الجنون الذي خرّب كل شيء , وفرّق الناس عن بعضهم , ليختاروا أوطانا ً جديدة , وملاذات ٍ تقيهم شرور الأمراض والموت , والعبث الجاثم في طيّات الطبيعة التي يعيشونها ؟
ما الذي يحصل , وكيف استدار العالم لأمانه وجماله هذه الاستدارة المخيفة , التي لا يشبهها شيء , ولا تشبه أيّ شيء ؟
ماذا حلّ في الدنيا , وما الذي جعل الجميع يفكّر في الأمثال المضحكة المبكية معا ً ( إذا ضاق بك الدرس , فتذكّر أيّام العرس ) , وإذا أحسست بالحزن والسوء والضيق الدائم , فعد أدراجك لتحتفل بذاكرتك , ويعود الجميع لأيّام زمان , يعودون لزمن الاستقرار , زمن الوضوح في كلّ شيء , والثوابت في كل شيء , حتى الفقر والجوع والموت والمرض , نعود إلى زمان الأسود والأبيض , في التلفزيون وفي الحياة , يوم كان الجميع يصغي لإيقاع أغنية واحدة , تشكّل ظاهرة , يعرف الجميع كلّ شيء عن مؤلفها وملحنها ومغنيها , ولماذا نجحت , فجميع وسائل الإعلام المتاحة آنذاك , تذهب للحدث حتى لو كان أغنية , وتتحدث للناس عنه .
الكل يحن إلى زمن الرومانسية , زمن الحكايات , والأغاني , والحياة التي , تبدأ من صباح فيروزي , وتمرّ في قارب عبد الحليم حافظ , لتنتهي كلثوميّة , تجسّد لنا همومنا الصغيرة , ومعاناتنا الصادقة , لقد كان الأطفال أطفالا ً , والشباب شبابا ً والشيوخ شيوخا ً والنساء نساء ً بكل ما في هذا المحتوى من معنى ! , نعم لم يعد اليوم الأطفال أطفالا ً , ولا الشباب شبابا ً , ولا الشيوخ شيوخا ً , ولا النساء نساء ً ؟! , ستقولون .. كيف ذلك ؟ , نحن بدأنا لا نفهمك , وأقول : لقد تغيّر كل ّ شيء في مسارات حياتنا ,. بسبب الغزو العجيب الغريب الذي نال كلّ شيء , وجعلنا مبهمين حائرين , كلٌّ منا يفكر ويعمل بالطريقة التي تناسب وضعه الجديد في العالم الذي لم يعد إلا شاشة صغيرة , تتلون فيها الأشكال والأسماء , وحتى الأحلام حدّ الضياع , وقد تسأل من شاشتك أحدا ً ما عن اسمه , فيختار اسما ً , يضحك منك فيه ويجرّك إلى حديث طويل , تخرج منه بقناعات جديدة عن هذه الدنيا ! .
ترى من جعل العالم هكذا ؟
نعم , تطوّرت التكنولوجيا , حتى صارت كالسحر , وصارت الرسائل التي تقضي أسابيع وشهورا ً في الطريق , تصل الآن في رمشة عين , وكأنها مبثوثة مع الأثير , وصار الانتظار باهتا لأشياء كثيرة , لم تعد الأغنيات تشكّل ظواهر , ولم يعد الناس آمنين مطمئنين , صار كلّ شيء ٍ خرافيا ً , يشير إلى جسامة ما يحدث , وينبئ عن قادم أكثر سوءا ً , وعن محن تتجدد , وعن حروب قادمة , وميتات أكثر شراهة ووحشية مما مررنا به , لا ثوابت , ولا استقرار , فالقضية أكثر تعقيدا ً وألما ً , والمنظمات الإنسانيّة , تحصي وتعلن أرقاما ً سرعان ما يبتلعها الإعلام كي لا تثير الهول والهلع , والناس لا تدري ماذا تفعل , هل يأتي ( غودو) , الذي غابت أنباؤه , مع رحيل آخر منتظريه من القرن الماضي ؟
ويبقى السؤال معلّقا ً مثيرا ً : ترى مَنْ خرّب العالم حقّا ً ؟ | |
|